بسم الله الرحمن الرحيم
و أوحى ربك إلى النحل
أن اتخذي من الجبال بيوتاً و من الشجرِ ومما يعرشون *ثم كلي من كلِ الثمرات
فاسلكي سُبل ربك ذللاً يخرجُ من بطونِها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس
ِأن في ذلك لآيةً لقوم ٍيتفكرون
صدق الله العلي العظيم
فاسأل بطون النحـــل كيف تقاطرت * شهداً وقل للشهد من حلاَّكا ؟
منتصر صباح مهدي الحسناوي
رئيس جمعية نحالي النجف الأشرف
المقدمـــة
العسل
عصارة الطبيعة ولباب الزهور وعطرها ،نسجه النبات ولهاً وهياماً مع أشـعة
الشمـس الذهبـيــــة ، فهو روح الأزهـار الحي ،وهو إتحاد كامل بين
النحــــــلة ملكـة الحشرات والزهرة لؤلؤة النباتات ،وهو منتج لا يشبههُ شئ
من المنتجاتِ النباتية أو ال*****ية أو أي مستخرج من الطبيعــــــة ، لأنه
يشكَل من ملايين الأزهــار والقُطيرات الرحيقية التي جمعتها عشرات الألوف
من شغالات النحل في أفق الطبيعة الواســع ،وزادتها مما وهبها الـله من
المواد ليكون العسل صيدلية الدنيا الأولى .
كرم الله سبحانه وتعالى
النحـل بالوحـي وجعل فيما يخـرج من بطونها شفـاء للناس وجعله سبحانه من
طعام أهل الجنة،وبلغ هذا التكريم عظمته حين خصـص الله عز وجل سورة في
القـــــرآن عرفت بإسم سورة النحــــل ،ومن خصائص الدين الإسلامي انه لا
يتعارض مع العلوم التجريبيـة بل انه يدعو للنظر في ملكـوت السمـاوات والأرض
والتبصر في خلق الله وبـدائع صنعـــــــه .
ومن العلــوم التجريبيــــة
الحديثـة علــم الطب حيث اهتم الإسـلام بالطب الوقائـي والعلاجـــي ،فقد
جاءت الكثير من الأحاديــث النبويـــــــة الداعيـة إلى الأخذ بأسبـاب
التداوي و إرشاد المسلميــن إلى الوسائل العلاجية لعديد من
الأمــــــــــراض .
وتاريخياً كان العســل طعاماً مفضلاً لدى الناس في
كل العصـور ،فبردية إبـيرز فـي الإهرامات منــــــــذ (3500)عام أشـارت إلى
استعمـال العسل في علاج الجروح ولإراحــــة الأمعاء ،أما في الأساطير
الهنديــــة القديمــة تمثلت السماء (فيثــو) التي تمنــح الحيــاة للعالم
في شكل نحــلة تقف على زهـرة اللوتــــس وكان الدواء الذي يهب السعــــادة
للناس ويحفظ الشباب شراب مجملـــــــــهُ من العسـلِ ،وفي اليونان القديمة
يعتبر العســـل أغلى منح الطبيعة وكانوا يعتقدون بأن ألهتهم خالدة لأنها
أكلت طعام الآلهة الذي يظن انه يحـتـوي على العســل ، كما تغنى هوميروس
بمدح العســــل و بخصائصــة الممتازة في ملحمــتهِ الإلياذة والأوديسة كما
أشار بيليني صاحب الكتاب العظيـــم والتاريخ الطبيعي إن للعســــل خواص
شفائية ممتازة، وكان إبن سينا ينصح كبار السن بأكل العســل لإطالـة العمر
وحفظ القدرة علــى العمـــل و إعتاد القــول ( إذا أردت أن تحتـفـظ
بشــبابك فأطعم العســـــل )ولا يقتصر إنتاج النحــل على العســل فقط على
الرغم من إنهُ المنتج الأهم و الأكـثر شهـــــرة فهناك الغذاء
الملكــــــــي ROYAL JELLY وحبوب اللقاح POLLEN GRAIN وشمع النحل BEEWAX و
صمغ النحــل PROPLIS وسم النحل BEEVENOM وكل هذه المواد عظيمة الفائدة
للإنســـان غذائياً وعلاجياً فالــــــــــتداوي بمنتجات النحل علم جديد
يسمى APITHERAPIA يحتضنه العالم الإنساني ويطوره ويحصل منه على أحسن
النتائـج الغذائيــة والعلاجيــة فــي الماضي والحاضر ، وهذا البحث يحاول
عرض ما هــو مـعـروف عن عســـل النحــــــل الطبيعــي من حيثِ ماهيتهِ وعرض
مكوناته وخصائصه وأنواعه والصفات التي يتميز بها إضافــة إلى استعـمالات
العســـل الغذائيـــة والعلاجيـــة في الماضي والحاضــر على ضــــوء
الاكتشافات العلمية الحديثة في هذا المجال ومن الله
التوفيــــــــــــــــــق.
بسم الله الرحمن الرحيم
و
أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً و من الشجرِ ومما يعرشون
(68)ثم كلي من كلِ الثمرات فاسلكي سُبل ربك ذللاً يخرجُ من بطونِها شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ِأن في ذلك لآيةً لقوم ٍيتفكرون صدق الله
العلي العظيم
أن هاتين الآيتين تتضمنان معاني كبيرة , فقد بدأتا بوحي
الله للنحلِ حيث لم يذكر وحيه لأي من الكائنات غير المكلفة الأخرى وختمها
سبحانهُ وتعالى بأن فيهما أيـةً لِقـوم يتفكرون وهي تدعو إلى التفكر
والتمعن والـتأني في معانيهما لإِظــهارِ حقيقــة القــرآن ومصدره من لـدن
الله الحكيم الخبيــــــر .
إن آيتي النحـــل اللتـين تبدوان بالنظـرة
السطحيــــة أنهما تسـردان ما هو معــــروف لدى العـامة عن حياةِ
النحــــــل ،لكن عند التمعـن في هذين الآيتين الكريمتـين يتضــح تطابق كل
كلمة فيهما مــــع المعلومات التي لم تعرف عن النحــــل إلاّ حديثـاً .
قال رســــول الله (ص): ( وهل ينفـع القـــرآن إلاّ بالعلم ).
إن وحي الله للنحل تكريم للنحل وتعظيم للخدمات التي يؤديها .
- وأوحى رَبك إلى النحل :
الطباطبائي : أي ألهمــــه من طريــق غريزتــه التي أودعهـــا في بنيتــــه .
الكاشاني:
ألهمها وقذف في قلوبها فأن صنعتها الأنيقة ولطفها في تدبير أمرِها ودَقيق
نظرِهـا شواهـــد بينة على أن الله سبحانــهُ أودعهـــا بـذلك .
الدكتور
محمد علي البنبي :والإلهــام التصـرف الذي يؤدى تلقائيــاً بـدون سبــب
واضـح وبدون تفكير كما قال تعالـى في كتابـهِ الحَكيم :
( وأوحينا إلى
أمِ موسى أَن ارضعيه فإذا خفتي عليه فألقيهِ في اليمِ ولا تخافي ولا تحزني )
لأنَ أُم موسـى لو كانت تتصرف بعقلِها في هذا الشـأن ما ألقت بوليدها في
البحـر لأنـه في هذه الحالة هالك لا مُحال و الأَقرب إلى العقلِ أن تُخفيـه
بأيةِ وسيلة ففرصة نجاته تكون أكبر
و وحــي الله للنحــل يُقصـد بهِ
الأعمال التي تؤديها بالفطـرةِ بناء على الغرائز والطبائـــع التي أودعها
الله في مخلوقاتهِ ولا تتطلب أَن يتعلمها الصغير مِن الكبير .
وهناك
تساؤل يطرحهُ الدكتور محمد على البنبي لماذا لم ينسب الوحي للنحـل بلفظ
الجلالـة الله كما هو في الآيات التي تضمنت المعجزات الإلهيــة من خلقِ
السماواتِ والأرض والشمس والقمر والنجوم والنباتات منسوبة إلى الله وفي كل
منهمـا عبـرة