في تجربة ناجحة هي الأولى من نوعها، تمكّن كفيفان بريطانيان من الرؤية مجدّداً بعد زرع عين إلكترونية لكل منهما.
وقال الأطباء: إن المريضين اللذين كانا يعانيان شكلاً وراثياً من العمى يُسمى التهاب الشبكية الصباغي، استعادا "الرؤية المساعدة" بعد أسابيع فقط من زرع رقاقة صغيرة حساسة للضوء في مؤخرة العين.
الجهاز الإلكتروني المزروع، الذي يحاكي الطريقة الطبيعية التي تعالج بها العين الضوء وترسل رسائل إلى المخ، مكّن المريضين من تمييز اللون الأسود من الأبيض ورؤية الملامح الخارجية للأشياء.
ولأنه يتعين على المخ أن يتعلم مجدّداً كيف يرى بعد سنوات من العمى الكلي يأمل العلماء إمكانية استمرار تحسُّن إبصار المرضى مع المداومة على استخدام الرقاقة. وقال الباحثون: إن هذه التقنية لا تزال بحاجة إلى مزيد من الصقل ويمكن استخدامها في المستقبل لتحسين بصر الأشخاص المصابين بحالات شبكية أقل خطورة، مثل التنكس البقعي الذي يعانيه نحو نصف مليون شخص في بريطانيا.
وأشارت صحيفة "ديلي تلغراف" إلى أن التهاب الشبكية الصباغي حالة تنكسية تنتج فيها الخلايا الحسّاسة للضوء "الكمية الخطأ" من البروتين، ما يؤدي إلى فقدان تدريجي للوظيفة، فينجم عن ذلك عمى كامل. وهذه الحالة تؤثر في نحو 20 ألف شخص في بريطانيا.
وهذه الغرسة الإلكترونية تركب تحت الشبكية في مؤخرة العين وتعتمد على قوة التركيز الطبيعية للعين لنقل الضوء إليها، ثم تقوم حينئذ بالوظيفة العادية للخلايا التالفة باستخدام 1500 إلكترود (قطب كهربائي) لتحويل الضوء إلى نبضات كهربائية تُمرر عبر العصب البصري إلى المخ.
يذكر أن غرسات العين السابقة كانت تعتمد على كاميرات خارجية بدلا من العين نفسها لامتصاص الضوء قبل تحويله إلى إشارات كهربائية.
وبدأت تجارب الغرسات الإلكترونية في ألمانيا قبل ست سنوات، لكن أول نجاح لها في بريطانيا كان في مريضين بريطانيين رُكّبت لكل منهما عينٌ إلكترونية بعملية استغرقت ثماني ساعات، الشهر الماضي. وسيزود عشرة مرضى بريطانيين آخرين، يعانون جميعاً حالات متأخرة من التهاب الشبكية الصباغي، بالجهاز الجديد في مستشفى كينغز كوليدج في لندن وفي مستشفى أكسفورد للعيون.
وقال أحد المريضين، وهو في الستين من عمره: "منذ أن شغلت الجهاز تمكنت من اكتشاف الضوء وتمييز الملامح الخارجية لأشياء معينة وهي علامة مشجعة، حتى إني حلمت بالألوان لأول مرة منذ 25 سنة ومن ثم استيقظ جزء من مخي الذي ظل نائماً طوال هذه المدة الطويلة، وأشعر بأن هذا الأمر مبشر جدا للأبحاث المستقبلية، وأنا سعيد بالمشاركة في هذا الإرث".